"قلها بالأزهار"
تتمحور هذه المعرضة التي تقدّمها معرض هيلين بايي (HELENE BAILLY) حول اختيار غنيّ ومتنوّع لأعمال فنية تحتفي بموضوع الأزهار في الرسم الانطباعي والحديث، من توقيع فنانين كبار أمثال ألفريد سيزلي (Alfred Sisley)، غوستاف كايّيبوت (Gustave Caillebotte)، رينوار (Renoir)، ماتيس (Matisse)، بالتوس (Balthus)، كيسلينغ (Kisling)، ماركيه (Marquet)، بيكابيا (Picabia)، شاغال (Chagall)...
تحف فنية من لوحات ورسومات وأشياء ثمينة وتركيبات معاصرة، تتيح اكتشافاً متعدد التخصصات وعابراً للحدود لقوة الزهور.
ولكن، الزهرة ليست فقط زهرة…
بل هي رسولة للمشاعر، تنقل بأناقة وحنان أرق الأحاسيس، حتى أكثرها خصوصية.
تحمل الزهرة في طياتها رموزاً قديمة قِدم الزمن، تشكّل ما يشبه لغة سرّية.
فباقة بسيطة قد تكون إعلان حب، أو تعبيراً عن صداقة، أو امتنان، أو تعاطف…
ومن منا لم يقطف أقحوانة ويسألها في سرّه: “يحبني؟ يحبني بجنون؟”؟
لطالما كانت الزهور مرتبطة بتاريخ الفن على مستويات عديدة:
-
من الناحية التقنية: إذ استخدمت بتلاتها المطحونة كمصدر لصناعة الأصباغ التي اعتمدها الفنانون لقرون.
-
ومن حيث الموضوع: بدءاً من زهرة اللوتس في مصر القديمة، أول تمثيل معروف لزهرة في الفن، إلى الباقات المفككة لدى التكعيبيين، كانت الزهور مصدر إلهام أبدي لكبار الفنانين.
حتى القرن التاسع عشر، حين كان يُعتبر الرسم التاريخي أعلى أشكال الفنون، كانت المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة تصنَّف كأنواع “ثانوية”. لكن تلك الفوارق تلاشت شيئاً فشيئاً، حين جاء الانطباعيون ليُعيدوا الاعتبار لكل ما هو يوميّ ومتواضع، ويمنحوه مكانة توازي كبرى المواضيع الفنية.
ولم يكن موضوع الزهور استثناءً، بل أصبح مساحة حرّة للتجريب والابتكار.
كثير من هؤلاء الرسامين اهتموا بزراعة حدائقهم بأنفسهم، ليتمكنوا من مراقبة الضوء والألوان والانعكاسات تحت السماء المفتوحة.
الأشجار التي تظهر في لوحة أشجار التفاح في الإزهار لسيزلي أو حواء والحية لسيروزييه، تذكّر بمحبة الطبيعة وبـ العلاقة العضوية بين الإنسان والكون.
الأزهار، في تواضعها وسحرها، تجذب الفنانين بألوانها المتناغمة وخطوطها الناعمة وتكويناتها الفريدة. عبر الحقب والمدارس الفنية، التقط الفنانون الرمزية الغنية للأزهار، متتبعين التحولات في معاني الورود، السوسن، التوليب، القرنفل…
فـ اللبلاب في رسم ماتيس يرمز إلى الارتباط القوي،
أما شقائق النعمان لدى مانغان فترمز إلى السكر والانجذاب،
بينما تشير التوليب الصفراء في لوحة بوفيه إلى الصداقة والامتنان،
وتعبّر التوليب البرتقالية عن الحماس والطاقة.
لكل فنان تعبيره،
ولكل عصر حركته،
ولكل زهرة رمزها…