ART PARIS ART FAIR 2025: Grand Palais - Stand F8
في نسختها السابعة والعشرين من معرض آرت باريس (ART PARIS)، تقترح معرض هيلين بايي (HELENE BAILLY) التأمل في هذا التناقض الظاهري الذي يميز الإنتاج الفني في منتصف القرن العشرين: تجسيد الغياب.
في قرنٍ طُبع بجرحين عميقين تمثّلا في حربين عالميتين، ووعي متزايد بعبثية الوجود الإنساني، ورفض جمالي وأخلاقي للقيود الشكلية، اختار بعض الفنانين التعبير عن حالة الإنسان من خلال صور شبحية ومجردة.
فالإنسان الحديث، الذي لم يعد بروميثيوس منتصرًا، بات يشبه أطلس منهكًا، ينحني رأسه تحت وطأة اغترابه. الأعمال المختارة لهذا الجناح تعبّر بدقة عن هذا الاضطراب في طرق التمثيل.
فالثور، رمز الفحولة والقوة، يختفي عند أوسكار دومينغيز (Oscar Dominguez) ليصبح غير مرئي. وعلى ظهر العمل تظهر صورته النقيضة، بصيغة سريالية، كهيكل عظمي لآلة.
وبالمثل، تعرض لنا أعمال ألبرتو جياكوميتي (Alberto Giacometti) وجوهًا صارت نموذجًا للرجل المعاصر. وقد وصفها الفنان بأنها “نوى من العنف”، تدعو المشاهد من خلال بضع خطوط فقط إلى مساءلة روحه والطريقة التي تنعكس بها في العالم.
إن تصوير الغياب يتيح لهؤلاء الفنانين استكشاف تقنيات وأشكال فنية جديدة. ففي عمله المتربّص في مشهد حضري، يواصل جان دوبوفيه (Jean Dubuffet) تطوير تقنية لوحات التجميع. بينما يجرب هنري لورنس (Henri Laurens) في عمله رأس امرأة تقنية الكولاج التي اكتشفها بفضل صديقه جورج براك (Georges Braque). ومن اللافت أن عنواني هذين العملين لا يسميان الموضوع مباشرة، بل يحضران الشخصية دون حضور فعلي، ويُكتفى بتحديدها من خلال السياق الحضري في حالة دوبوفيه.
من صعوبة التمثيل، ومن الحضور المتزايد للغياب، نشأ الاتجاه التجريدي. والذي يمثل ذروة الغياب، وبلغ أوجه في النصف الثاني من القرن العشرين، وتُجسده في هذا الاختيار أعمال كل من بيار سولاج (Pierre Soulages) وهانس هارتونغ (Hans Hartung).