هانس هارتونغ 1904-1989
هانس هارتونغ (Hans Hartung) هو فنان تجريدي وتعبيري، تُعرض أعماله في معرض هيلين بايي (HELENE BAILLY).
يُقدَّم هارتونغ عادةً كأحد رموز مدرسة باريس والتجريد الغنائي، ويُعتبر قبل كل شيء رساماً من فترة ما بعد الحرب. ومع ذلك، فإن هذا الفنان، المولود في لايبزيغ عام 1904، كان قد شارك منذ أواخر ثلاثينيات القرن العشرين في العديد من المعارض في جميع أنحاء أوروبا. بدأت مسيرته الفنية فعلياً في عام 1922، حين كان يبلغ من العمر بالكاد 18 عاماً، حيث أنتج سلسلة من الألوان المائية اللافتة بقوة تعبيرها الخالص، رغم أنه لم يكن بعد مطلعاً على نظريات فاسيلي كاندينسكي (Vassily Kandinsky). كانت هذه بداية مسيرة دامت قرابة سبعين عاماً، تخللتها ابتكارات تقنية مستمرة.
فنان ذو إنتاج متناقض، كثيراً ما كان هارتونغ يسير بعكس الصورة التي رسمها له النقّاد، مما أدى إلى ما وصفته آني كلوستر (Annie Claustres) بـ “الاستقبال المشوَّه”. وبينما تم تقديمه كرمز للرسم الإيمائي العاطفي والغنائي، كان شغوفاً أيضاً بالرياضيات، ولا يمكن فهم أعماله بالكامل إلا بأخذ هذا الجانب العقلاني بعين الاعتبار: فمن ثلاثينيات القرن الماضي وحتى نهاية الخمسينيات، كان ينقل لوحاته نقطةً بنقطة، باستخدام تقنية “التربيع”، انطلاقاً من رسومات صغيرة أنجزها بشكل عفوي على الورق.
شهدت الستينيات تحولاً هاماً في مسيرته، إذ تخلى هارتونغ عن تقنية النقل، لكنه واصل سعيه الصبور نحو الابتكار التقني، خصوصاً عبر اختراع أدوات جديدة للرسم. وفي عام 1960، نال الجائزة الكبرى في الرسم في بينالي البندقية، ما شكّل ذروة الاعتراف الدولي بأعماله.
لم يتوقف هارتونغ عن الإبداع، وظل يرسم بشغف متزايد حتى أيامه الأخيرة، في ممتلكاته في أنتيب، التي صممها بنفسه لتتيح له العمل في ظروف مثالية.
إلى جانب حياته الفنية، كانت حياة هانس هارتونغ أيضاً مسيرة عبر التاريخ. فقد أوقف مسيرته خلال الحرب العالمية الثانية، وانضم مرتين إلى الفيلق الأجنبي الفرنسي لمحاربة بلده الأصلي، ألمانيا، حيث فقد ساقه في المعركة. حصل على الجنسية الفرنسية عام 1946.
حياته ومسيرته الفنية ارتبطتا ارتباطاً وثيقاً بحياة الفنانة آنا-إيفا بيرغمان (Anna-Eva Bergman)، التي التقاها عام 1929 في باريس. تزوجا في العام نفسه، بعد أشهر قليلة من لقائهما، لكنهما انفصلا عام 1938. في عام 1939، تزوج هارتونغ من الفنانة روبرتا غونزاليس (Roberta Gonzalez)، ابنة النحات خوليو غونزاليس (Julio Gonzalez). بعد الحرب وعودته إلى باريس، التقى مجدداً بـ بيرغمان عام 1952، واستأنفا علاقتهما. طلق هارتونغ روبرتا وتزوج من بيرغمان مرة أخرى عام 1957.
بعد فترة وجيزة، حين استقرا في مرسم بشارع غوغيه في باريس، خططا لبناء فيلا-مرسم في منطقة الكوت دازور، تتيح لكل منهما العمل في فضاء مصمم حسب احتياجاته. اشتروا بستان زيتون في أنتيب عام 1960، وقام هارتونغ بتصميم خطط البناء. في عام 1973، وبعد خمس سنوات من البناء، انتقل الزوجان إلى “حقل الزيتون”، وكانا قد فكّرا بالفعل في تحويل هذا المكان، بعد وفاتهما، إلى فضاء مخصص لنشر إرثهما الفني.