موريس دوني 1870-1943
موريس دوني (Maurice Denis) (1870–1943) هو فنان بارز في مرحلة التحوّل بين القرنَين التاسع عشر والعشرين، وتُعرض أعماله اليوم في معرض HELENE BAILLY. كان رسامًا وكاتبًا ومنظّرًا فنّيًا، ولعب دورًا أساسيًا في تطوّر الفن الحديث، واضعًا الأسس التي مهدت لظهور التكعيبية، والوحشية، والتجريد. ومن خلال التزامه الفني والفكري، دافع عن رؤية تشكيلية تمزج بين الروحانية، والرمزية، والزخرفة في تناغم متكامل.
وُلد عام 1870 في مدينة غرانفيل، واكتشف شغفه بالفن في سن مبكرة. عام 1884، شكّلت زيارته لمتحف اللوفر نقطة تحوّل حاسمة، دفعته إلى متابعة دروس في الرسم قبل أن ينضم عام 1888 إلى أكاديمية جوليان في باريس، حيث التقى بـبول سيروزييه. وقد نقل إليه هذا الأخير مبادئ التركيبية (le synthétisme) والتقسيمية (le cloisonnisme)، المستوحاة من بول غوغان، ما أدى إلى نشوء حركة “الأنبياء” (Les Nabis)، التي كان دوني من مؤسسيها البارزين.
بدءًا من عام 1892، شارك في صالون المستقلين، مؤكدًا أسلوبًا جريئًا يجمع بين المساحات اللونية المسطحة، وتبسيط الأشكال، والرمزية الدينية. استلهم أعماله من الفن القوطي ومن فناني النهضة الإيطالية، وعلى رأسهم فراأنجليكو، الذي كان يكنّ له إعجابًا كبيرًا. وقد سعى موريس دوني إلى التوفيق بين الحداثة والتقليد، عبر منح الرسم بُعدًا روحيًا وزخرفيًا في آنٍ معًا.
قامت تجربته الفنية على محورين أساسيين: الأول ديني مسيحي، ظهر بوضوح في جدارياته ولوحاته الدينية ذات القوة التعبيرية، ومن أبرزها عمله «أسطورة القديس هوبرت» (1897). أما الثاني، فذاتي وشخصي، عبّر فيه عن رؤيته للأنوثة والطبيعة من خلال أعمال تنبض بالنعومة والشاعرية.
في عقد العشرينيات، ترسّخ موقعه كمرجع فني عالمي، وشارك في معارض دولية مرموقة مثل بينالي البندقية عام 1922، وجناح مرسان في باريس عام 1924. كما ساهم في ترميم كنيسة دير سان جيرمان أون لاي، التي تحوّلت لاحقًا إلى متحف مخصص لأعماله.
توفي موريس دوني عام 1943، تاركًا إرثًا فنّيًا غنيًا لا يزال يُلهم الأجيال الجديدة من الفنانين حول العالم.