برنار بوفّي 1928-1999
رسّام الحزن والوجوه الهزيلة، برنار بوفّي (1928–1999)، شكّل علامة فارقة في الفن التشكيلي خلال القرن العشرين بأسلوبه الحاد والفريد. يُعد من أبرز فناني التعبيرية، وقد فرض نفسه كأحد أهم ممثلي الفن التصويري في زمنه، مستكشفًا بجرأة مواضيع القلق، والوحدة، والحالة الإنسانية. تُعرض أعماله اليوم في معرض HELENE BAILLY، وهي تحمل طابعًا صارمًا وقوة عاطفية نافذة.
وُلد برنار بوفيه في باريس عام 1928، والتحق بمدرسة الفنون الجميلة في سن الخامسة عشرة فقط. وتحت إشراف أستاذه ناربون، بدأ في البحث عن أسلوب فني خاص به، قبل أن يختار مواصلة مسيرته بشكل مستقل. في عام 1946، عرض أول بورتريه ذاتي له في “صالون من هم دون الثلاثين عامًا”، ما شكّل انطلاقته على الساحة الفنية الباريسية.
في العام التالي، شارك في “صالون المستقلين”، ثم نظّم الناقد بيير ديسكاغ أول معرض فردي له. وقد أُعجب الوسط الفني بسرعة بموهبته اللافتة، واشترى المتحف الوطني للفن الحديث أولى لوحاته، بعنوان طبيعة صامتة مع دجاجة. كما جذب انتباه الدكتور جيراردان الذي أوصى إيمانويل دافيد بتوقيع عقد معه، عقد تقاسمه لاحقًا مع موريس غارنييه، الذي أصبح ممثله الحصري منذ عام 1968.
منذ عام 1947، رسّخ برنار بوفيه لنفسه أسلوبًا مميزًا وملحوظًا، وصفه النقاد بـ”البؤسي” (Misérabiliste). متأثرًا بجورج روو وفرانسيس غروبر، رسم وجوهًا نحيلة، وطبيعة صامتة تقشفية، وتكوينات داكنة مرسومة بخطوط فحمية حادة. وغالبًا ما وُصف فنه بـ”الوجودي”، حيث عبّر عن رؤية قاسية وغير إنسانية للعالم، تنقل واقعًا خامًا وصادمًا.
في عام 1958، تزوج من أنابيل شوب، التي أصبحت ملهمته ومرافقته مدى الحياة. وفي نفس العام، كرّسته قاعة العرض شارنتييه بمعرض استعادي ناجح رسّخ شهرته عالميًا.
لم يقتصر عطاؤه الفني على اللوحة فحسب، ففي عام 1961، نفذ مجموعة جداريات دينية في مصلى شاتو لارك، ثم كُلّف عام 1971 من قبل سكرتير البابا بولس السادس برسم سلسلة من اللوحات عُرضت في قاعة مخصصة داخل متحف الفاتيكان.
أثر برنار بوفيه تجاوز الحدود، فقد جابت أعماله أنحاء العالم، وخصص له اليابان متحفًا كاملاً احتفاءً بفنه. وفي عام 1986، استقر بشكل دائم في منطقة تورتور بجنوب فرنسا، حيث توفي عام 1999.
نال خلال مسيرته الفنية عدة تكريمات، منها وسام فارس جوقة الشرف عام 1971، كما تم انتخابه عضوًا في أكاديمية الفنون الجميلة عام 1974.