أوجين بودان 1824-1898
يُعد أوجين بودان (1824–1898) من أبرز رواد الفن الحديث وممهدًا رئيسيًا لانطلاقة المدرسة الانطباعية، حيث يُعرف بأنه سيد الضوء والغيوم المتغيرة، يلتقط بريشة رقيقة الأجواء العابرة للمشاهد البحرية. هذا الرسام الفرنسي الرؤيوي كان له دور محوري في ترسيخ فن الرسم في الهواء الطلق، مؤثرًا بعمق في الجيل القادم من الفنانين، وعلى رأسهم كلود مونيه، الذي اعتبره أستاذه. تُعرض أعماله حاليًا في معرض HELENE BAILLY.
وُلد بودان في هونفلور في 12 يوليو 1824، وانتقل مع عائلته إلى لوهافر عام 1835. عمل في البداية لدى طابع ثم بائع ورق، قبل أن يلتقي برسّامي مدرسة باربيزون، مثل كونستان ترويون وأوجين إيزابي، وكذلك بالشاعر شارل بودلير. وبفضل تشجيع جان-فرانسوا ميليه وتوما كوتور، تخلى بودان عن التجارة في سن الثانية والعشرين ليتفرغ كليًا للرسم.
في وقت كانت الكلاسيكية والرومانسية تهيمنان على المشهد الفني، اختار بودان طريقًا فنيًا جديدًا، مستلهمًا من رسامي مدرسة 1830، لكن موجهًا اهتمامه نحو دراسة الضوء الطبيعي والتغيرات المناخية في الطبيعة.
في عام 1862، ابتكر بودان “مشهد الشاطئ”، حيث استكشف انعكاسات الضوء الطبيعي على الشخصيات في الهواء الطلق. هذا النوع الجديد كان له تأثير بالغ على الرسامين الانطباعيين، الذين استلهموا منه تقنيات التقاط اللحظة العابرة.
ابتداءً من عام 1870، دفعه الطلب المتزايد من تجّار الفن إلى التوسع في رسم مشاهد البحر. ورغم ارتباطه العاطفي بسماوات مصب نهر السين، إلا أنه اضطر للسفر عبر أوروبا، ورسم في بوردو، البندقية، بيرك، وهولندا. ومع ذلك، ظل السماء والنور موضوعه الحقيقي، يعيد تقديمهما عبر أجواء متباينة ولحظات خاطفة.
في سبعينيات القرن التاسع عشر، قاده اهتمامه بالضوء إلى اعتماد مبدأ “السلاسل”، حيث يستكشف تغيرات الجو تحت تأثيرات ضوئية مختلفة، وهو نهج سيطوره لاحقًا مونيه وغيره من الانطباعيين.
ورغم هذا التجديد الفني، لم يلقَ فن بودان القائم على الزوال والحرية التعبيرية القبول لدى جمهور ما يزال متعلقًا بالتصوير الأكاديمي والوصف الدقيق. ولم تتحقق له الشهرة والاعتراف إلا في تسعينيات القرن التاسع عشر، بعد سنوات طويلة من المثابرة.
وفي عام 1898، وبينما كان لا يزال يبحث عن صفاء تعبيري أعمق وفن أكثر اختزالًا، توفي أوجين بودان في دوفيل، داخل شاليه بسيط يطل على ما شكّل جوهر أعماله كلها: البحر، والسماء، والضوء.